Thursday, June 01, 2006

رحلتي الأولى إلى أرمينيا وغاراباغ الجبلية 5


السابع من أبريل- الخامس من مايس 2006
-الحلقة الخامسة-

زيارة الى متحف الإبادة الأرمنية

يقع متحف الإبادة الأرمنية، وكما أسلفت آنفاً، بالقرب من نصب الإبادة الأرمنية.
ويعرض المتحف صوراً تجسد، بشكل عام، حياة الأرمن في ولايات الاناضول الشرقية والغربية، وجداول بعدد السكان الأرمن والكنائس والمدارس الأرمنية فيها. كما يعرض المتحف صوراً من المجازر الأرمنية لعام 1915، ومذكرات لناجين منها مكتوبة بخط اليد، وصوراً للتدمير الذي لحق بالمدن الأرمنية أثناء هذه المجازر، والذي يستمر حتى الآن في ما يصطلح عليه بـ (الإبادة الثقافية)، الى جانب المصادر والكتب الوفيرة عن الإبادة الأرمنية باللغات المختلفة، والتي ألفها كتاب وشهود عيان أجانب وأرمن.
ومن المصادر العربية حول الإبادة الأرمنية يعرض المتحف كتاب شاهد العيان ورجل الدولة فائز الغصين بعنوان (المذابح في أرمينيا)، وصورة من البيان الذي أصدره شريف مكة عام 1917 لحماية الأرمن، وكتب للمؤرخ والأكاديمي الأرمني البارز فاهاكن دادريان مترجمة الى العربية.
ويتضمن المتحف أيضاً أصل البرقية التي بعث بها بابا الفاتيكان عام 1915 الى السلطان العثماني في شأن المجازر الأرمنية، الى جانب صور ونصوص البرقيات للسفراء والقناصل المعتمدين لدى الدولة العثمانية، والذين بعثوا لحكوماتهم تقارير عن المجازر الأرمنية، وتقارير شهود العيان من رجال الدين الأجانب، فضلاً عن صور البرقيات التي بعث بها طلعت باشا وزير الداخلية للدولة العثمانية الى المسؤولين العثمانيين ويوعز فيها بتهجير الأرمن وإبادتهم.
كما تعرض في المتحف نماذج من الملاعق والأواني وقطع القماش المزخرف وغيرها التي حملها معهم الأرمن المهجًّرون، فضلاً عن صور المفكرين والمثقفين الأرمن الذين جرت تصفيتهم في يوم 24 نيسان-أبريل عام 1915 ونسخ من مؤلفاتهم.
كما شاهدت في المتحف الذي ينزل اليه بالسلالم مقتطفات من الصحف العالمية التي وثقت الإبادة الأرمنية لعام 1915، وأصول وصور القرارات التي تبنتها بعض دول العالم والولايات الأميركية عن الإبادة الأرمنية، وترباً جلبت من الولايات الأرمنية في أرمينيا الغربية (العثمانية)، فضلاً عن اللوحات التشكيلية والموسوعات عن الإبادة.
وفي المتحف حائط كبير من الحجر نحتت عليه خريطة أرمينيا التاريخية وأقليم كيليكيا بمدنها وأنهارها وبحيراتها. ويحوي المتحف أيضاً مكتبة لبيع المصادر والكتب حول الإبادة الأرمنية.
وفي النهاية سجلت كلمتي في سجل الزيارة الخاص بالمتحف، ومن ثم زرت للمرة الثالثة نصب الإبادة. وقرب النار الأزلية في النصب كانت تقف فتاة يابانبة بدت لي أنها طالبة في أرمينيا. وقد سألتني عن موقع المتحف، فأجبتها، وبدوري طلبت منها التقاط صورة لي بالقرب من النار الأزلية بكاميرتي، فأستجابت لطلبي


(في معهد المخطوطات القديمة (الماديناتاران
لا بد للزائر لمدينة يريفان أن يرى معهد المخطوطات الأرمنية القديمة (الماديناتاران) الذي سمي باسم القديس ميسروب ماشدوتس، والذي يقع في مكان مرتفع في نهاية شارع ميسروب ماشدوتس. وقبل الوصول الى المدخل الرئيس للبناية، هناك نصب لمخترع الأبجدية الأرمنية ميسروب ماشدوتس.
ومن هذا النصب، يرتفع طريق الى المدخل الرئيس للبناية الذي ترتفع على جانبيه أنصاب ستة من العظماء ورجال الفكر الأرمن، وهم:
· موفسيس خوريناتسي (القرن الخامس الميلادي)، وهو أبو المؤرخين الأرمن، ومؤلف كتاب (تاريخ الأرمن)،
· مخيتار كوش (1120-1213)، وهو مشرع وكاتب،
· فريك (القرن الثالث عشر-القرن الرابع عشر)، وهو شاعر،
· آنانيا شيراكاتسي (القرن السابع الميلادي)، وهو عالم وواضع أساس العلوم الطبيعية عند الأرمن،
· كريكور داتيفاتسي (1346-1409)، وهو مؤلف وفيلسوف ولاهوتي ورسام،
· توروس روسلين (القرن الثالث عشر)، وهو رسام فن المنمنمات الأرمني.
وتحفظ في خزائن (الماديناتاران) أكثر من 16 ألفاً و 500 مخطوطة (14 ألفاً باللغة الأرمنية وألفان وخمسمائة باللغات الأجنبية بضمنها العربية)، وهي مصادر للبحث عن التاريخ والفنون والآداب والعلوم التطبيقية عند الشعب الأرمني ومؤلفات من القرن الخامس الميلادي حتى القرن الثامن عشر لمؤرخين ومؤلفين أرمن معاصرين للأحداث وترجمات لمؤلفين وعلماء من العصور القديمة والوسطى. وتحفظ في خزائن (الماديناتاران) أيضاً نماذج قديمة وفريدة من الأدب العالمي التي لم تحفظ أصولها اليوم ووصلت الى البشرية بفضل ترجماتها إلى اللغة الأرمنية.
وأفتتح المبنى الحالي لـ (الماديناتاران) في العام 1959، ولا يعد خزانة للمخطوطات القديمة فحسب، بل هو معهد لإجراء الدراسات والنشر، إذ تمت ترجمة ونشر مؤلفات كثيرة باللغات الأرمنية والروسية والإنكليزية والفرنسية وغيرها.
وشاهدت بعض المخطوطات القديمة في قاعة العرض الرئيسة في المبنى وقد تمت معالجتها نتيجة لاصابتها باضرار مختلفة خلال العهود المختلفة. وكان تأثري كبيراً بمشاهدة أكبر مخطوطة أرمنية في (الماديناتاران)، وهي مخطوطة "مختارات المواعظ" (جارندير) التي جلبت من مدينة موش في أرمينيا الغربية، ويبلغ وزنها 27,5 كغم. وقد استعرضت الأحداث المأساوية التي مرت بها هذه المخطوطة، إذ تم إنقاذها وإيصالها بأعجوبة إلى مكانها الحالي. ففي عام 1204 م، قام الأتراك السلاجقة بسلب صاحب هذه المخطوطة واستولوا على هذه المخطوطة الثرية بمحتوياتها وصورها المنمنمة. وقام السكان الأرمن في مناطق مختلفة بجمع 4000 قطعة فضية، وكان مبلغاً باهظاً آنذاك، لاستعادة المخطوطة من سالبيها. وتمت إعادة المخطوطة وحفظت في دير (آراكيلوتس) في مدينة موش.
ولتخليص المخطوطة من التدمير إبان مجازر الإبادة الأرمنية لعام 1915، قامت إمرأتان أرمنيتان بتجزئة المخطوطة إلى جزئين ليسهل نقلها إلى أرمينيا الشرقية. وقد وصل الجزء الأول من المخطوطة إلى مدينة اجميادزين، في حين تعذر نقل الجزء الآخر الذي تم دفنه في باحة كنيسة أرمنية في مدينة أرضروم. ولاحقاً، تم اكتشاف هذا الجزء من المخطوطة تحت الأنقاض بطريق المصادفة، وتم نفله إلى مدينة اجميادزين، وضمه الى الجزء الأخر من المخطوطة.
ويستمر (الماديناتاران) في تلقي المخطوطات الأرمنية القديمة من الأرمن في أنحاء العالم كافة. وتتم معالجة هذه المخطوطات من قبل فريق من المختصين في المعهد. فيقوم الفريق بدراسة مضمون المخطوطة والخط الذي كتب به ومقارنته بالمخطوطات الأخرى ذات المضمون والشكل المتشابه، وبذلك يمكن تحديد تاريخ كتابة المخطوطة ومدى اكتمالها، وأحياناً اسم كاتبها إذا كان مجهولاً.
وقد شاهدت في قاعة العرض الرئيسة في (الماديناتاران) مخطوطات عديدة من هذا النوع أهداها أرمن من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى في العالم. وكتب إلى جانب المخطوطة اسم الشخص الذي أهادها والدولة والمدينة التي يقطن فيها.
ويصل عدد المخطوطات الأرمنية في العالم الى نحو 25 ألفاً. وثمة مجموعات من المخطوطات الأرمنية في مدينة القدس (4500 مخطوطة في دير القديس يعقوب)، وفينيسيا (4000 مخطوطة في دار الكتب للآباء المخيتاريين الأرمن)، وفيينا (1200 مخطوطة في دار الكتب للآباء المخيتاريين الأرمن)، وأصفهان (1000 مخطوطة في دير نور جوغا)، وباريس (المكتبة الوطنية)، ولندن (المتحف البريطاني)، واكسفورد، وتفليس، واسطنبول، وبرلين، ونيويورك، وواشنطن، ومدن أخرى في العالم.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B