Thursday, May 25, 2006

رحلتي الأولى إلى أرمينيا وغاراباغ الجبلية 2



السابع من أبريل- الخامس من مايس 2006
-الحلقة الثانية-

في يريفان

عندما كانت الطائرة تحلق في أجواء مدينة يريفان، عاصمة جمهورية أرمينيا، وبعد هبوطها على أرضية مطارها المسمى (زفارتنوتس)، وهو المطار الحديث للمدينة الذي بدأ تشغيله في العام 1980، انتابني شعور غريب. فقد أدركت أنني أشاهد المدينة بحق، لأنني كنت أراها مراراً وتكراراً في أحلامي.. أراها وأنا أتجول في شوارعها وأتطلع في مبانيها. وكان ينتابني شعور بالفرح عند مشاهدة الحلم والانزعاج الشديد عند الاستيقاظ من النوم والإدراك بأن ما شاهدته لم يتجاوز كونه حلماً !! ولكن هذه المرة وطأت قدماي أرض أرمينيا التي قبلتها في المطار، ولم اعد أصدق بأنني في أرمينيا ويريفان بحق، وبأنني لا أحلم !!
وأرمينيا هي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق التي أعلنت استقلالها في 21 أيلول-سبتمبر 1991 على مساحة تقدر بـ (29) ألفاً و (800) كيلومتر مربع. وتمثل هذه المساحة نحو عشر مساحة أرمينيا التاريخية التي تقدر بـ (300) ألف كيلومتر مربع، ويقع أغلبها اليوم في تركيا. ويبلغ عدد سكان أرمينيا نحو 3 ملايين و 200 ألف نسمة.
وقد قرأت منذ نعومة أظفاري تاريخ أرمينيا الذي يمتد لآلاف السنين والحافل بالكفاح والإبداع والمصاعب والتضحيات ومحاولة الغزاة السيطرة عليها ونهب ثرواتها وتهجير أبنائها وإبادتهم. وتحضر أرمينيا في وجداني وأحاسيسي من خلال هذا التاريخ الحافل بالأحداث.
وتعد مدينة يريفان إحدى أقدم العواصم في العالم. فقد أنشئت يريفان (ايريبوني) من قبل ملك أرمينيا اركيشدي الأول في عام 782 ق.م، لذا فهي أقدم من مدينة روما بـ (29) سنة. واحتفلت أرمينيا عام 1968 بذكرى مرور 2750 سنة على تأسيسها، وتحتفل سنوياً بهذه الذكرى. وتبلغ مساحة مدينة يريفان نحو 300 كيلومتر مربع، ويتجاوز عدد سكانها المليون و 250 ألف نسمة.
بدأ استكشافي للمدينة منذ اليوم التالي لوصولي لها. فبدأت أتجول في شوارعها الجميلة، بالاستعانة بخريطة اقتنيتها من احدى المكتبات في المدينة، واتطلع في وجوه الرجال والنساء والفتيات الجميلات الرشيقات والأنيقات.
وتوجد على أرض أرمينيا حتى اليوم، كما هي الحال في يريفان، أكثر من خمسة آلاف نصب معماري وأثري تمثل الحقب التاريخية المختلفة قبل وبعد دخول المسيحية الى أرمينيا، حتى سميت أرمينيا بـ "المتحف في الهواء الطلق". ويريفان هي المدينة الفريدة في العالم التي لا يتم أبداً طلاء مبانيها التي تتألف من حجر الدوف الأرمني وأحجار البازلت والكرانيت والمرمر والتي تعطي ألواناً جذابة وساحرة.
وكان بامكاني أن أرى من شبابيك منازل زرتها في يريفان، لا سيما عندما يكون الجو صحواً، جبل (آرارات)، وهو الجبل المقدس عند الأرمن والذي رست عليه سفينة النبي نوح بحسب الكتاب المقدس. ويقع الجبل حالياً في تركيا، ويبلغ ارتفاع قمته الأكبر (5156) متراً والأصغر (3914) متراً. ويطلق الأرمن على هذا الجبل أيضاً اسم (ماسيس). وفي الشمال الغربي من يريفان يقع جبل (آراكاتس)، وهو أعلى جبل في جمهورية أرمينيا ويبلغ ارتفاعه (4090) متراً.
ويجري في مدينة يريفان نهر (هرازتان)، وهو الرافد الأيسر لنهر (آراكس) الذي يعد أحد الأنهار الرئيسة الأربعة في أرمينيا التاريخية، الى جانب دجلة والفرات والكر. ويقسم نهر (هرازتان) مدينة يريفان الى قسمين.
وإذا كانت مدينة بغداد تقع على مستوى سطح البحر، فإن مدينة يريفان تقع على ارتفاع يتراوح ما بين 865-1390 متراً عن مستوى سطح البحر.
ومن الكاتدرائيات البارزة في المدينة كاتدرائية القديس كريكور المنور التي أفتتحت في العام 2001 في اطار الاحتفالات لمناسبة مرور 1700 سنة على اعتناق أرمينيا الديانة المسيحية بشكل رسمي عام 301 م، وهي مشيّدة على وفق الطراز المعماري الأرمني التقليدي لتتسع لـ 1700 مؤمن، وهو رمز الذكرى الـ 1700 لاعتناق أرمينيا الديانة المسيحية التي جرى الاحتفال بها في العام 2001. وتقع الكاتدرائية قريبة من تقاطع شارعي الملك ديكران الكبير وخانجيان في موضع ليس ببعيد عن ساحة الجمهورية (ساحة لينين سابقاً) في وسط المدينة. وقد زرت هذه الكاتدرائية مرات عديدة، وتقام فيها، بشكل شبه يومي، مراسيم الزواج. وقد ازداد، بشكل كبير، أعداد المتزوجين على وفق الطقوس والمراسيم الكنسية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق. وعلمت أنه لا بد للخطيبين الحجز مسبقاً قبل أشهر للزواج في هذه الكاتدرائية !!
وقرب الواجهة الأمامية للكاتدرائية هناك تمثال القائد والثائر الأرمني انترانيك الذي افتتح في 25 كانون الأول-ديسمبر 2002، وهو من عمل النحات آرا شيراز. وقد قارعت أفواج الفدائيين الأرمن بقيادة انترانيك الاستعمار والطغيان العثماني في أرمينيا الغربية لسنوات طويلة. ويظهر القائد انترانيك في التمثال جالساً على حصانين يرمزان الى جزئي أرمينيا: الشرقية، والغربية. وكان البطل القومي قد حفظ الأمل طيلة حياته في رؤية جزئي أرمينيا وهما متحدان.
أما الكاتدرائية البارزة الأخرى في يريفان، فهي كاندرائية القديس سركيس التي يعود بناؤها الى القرن الثالث عشر الميلادي، وتقع على حافة سهل.
كما يوجد في المدينة الجامع الوحيد الذي بني في القرن السابع عشر الميلادي إبان حكم الدولة الصفوية لأرمينيا.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B