Thursday, May 25, 2006

رحلتي الأولى إلى أرمينيا وغاراباغ الجبلية 1



السابع من أبريل- الخامس من مايس 2006
-الحلقة الأولى-

سأدون في هذه المقالة والمقالات التي تليها انطباعاتي عن رحلتي الأولى إلى جمهورية أرمينيا وجمهورية غاراباغ الجبلية (ناغورني كاراباخ)، وكذلك زيارتي إلى سوريا، والتي أحرص على اطلاع القارئ العزيز عليها.

السفر إلى دمشق

نظراً لعدم وجود رحلات جوية أو برية بين بغداد ويريفان عاصمة جمهورية أرمينيا، كان عليَّ التوجه بالطائرة أولاً إلى مدينة دمشق، ومنها إلى مدينة حلب السورية، وذلك لعدم سلامة الطريق البري الواصل بين بغداد وحلب وتكرار حوادث السلب والاختطاف عليها.
انطلقت بالسيارة صباح يوم الثالث من نيسان-أبريل 2006 من منزلي في بغداد، وعبرت الحواجز العسكرية العديدة في الطريق نحو مطار بغداد الدولي، كان آخرها حاجز لتفتيش الأمتعة. ثم واصلت السيارة المسير حتى وصلت إلى المطار. وبعد أن أكملت إجراءات السفر كان عليَّ انتظار الطائرة التي كان من المفترض أن تقلع في الساعة العاشرة صباحاً، انتظارها لساعات حتى وصلت متأخرة وأقلعت في الساعة الثانية بعد الظهر. وكان عدد الركاب المسافرين يفوق استيعاب الطائرة، مما اضطر طاقم الطائرة إلى إنزال الركاب الفائضين عن استيعاب الطائرة

في دمشق

بعد تحليقها لنحو الساعة والربع، وصلت الطائرة إلى مطار دمشق الدولي، وقد أخرت الوقت عند وصولي إلى دمشق ساعة واحدة بسبب فرق التوقيت بين سوريا والعراق. وكان جو دمشق بارداً وممطراً، بخلاف جو بغداد الذي كان قد أصبح دافئاً.
وفي الطريق من المطار نحو المدينة، كانت مدينة دمشق تبدو لي وكأنها مدينة بغداد، فهي تشبهها بشوارعها ومبانيها. وقال لي سائق سيارة الأجرة التي أقلتني من المطار: إن هذا هو انطباع جميع العراقيين الذين التقى بهم عن مدينة دمشق.
وفي اليوم التالي، زرت مقر سفارة جمهورية أرمينيا في دمشق لأحصل منها على تأشيرة السفر إلى أرمينيا التي حصلت عليها في اليوم ذاته، كوني من العاملين السابقين في سفارة جمهورية أرمينيا في العراق، إذ عملت مترجماً وإدارياً في السفارة منذ افتتاحها عام 2000، وحتى مغادرة أركان السفارة للعراق قبل اندلاع الحرب الأميركية-البريطانية على العراق في آذار-مارس 2003.
وبعد أن قطعت تذكرتي السفر بالطائرة من دمشق إلى حلب، ومن حلب إلى يريفان، غادرت دمشق بعد أن مكثت فيها يوماً واحداً.

الوصول إلى حلب

عندما كانت الطائرة تحلق في أجواء مدينة حلب كنت أشعر بأن المدينة قريبة جداً لي. فحلب هي مسقط رأس أمي وعائلتها هاجرت إليها من مدينة (كيليس)، في أقليم كيليكيا الواقع شمالي سوريا وعلى البحر المتوسط، قبل مجازر الإبادة الأرمنية لعام 1915.
وقبل خروجي من مطار حلب، علمت بالأجرة المقررة للسيارة التي كانت ستقلني من المطار إلى المدينة. وعند خروجي من مدخل المطار، عرض عليَّ أحد السواق نقلي إلى المدينة، ولكن بضعف الأجرة المقررة، إلا أنني رفضت هذا العرض. ولم يقبل أي من السواق الآخرين بأجرة أقل من الأجرة التي حاول السائق الأول فرضها عليَّ، حتى بدا لي وكأن هنالك اتفاقاً بين هؤلاء السواق على هذه الأجرة. بيد أن سائقاً شهماً وصل من المدينة عرض عليَّ الأجرة المقررة، مما أثار غضب بقية السواق الذين أرادوا إبعاده من أمام مدخل المطار !! وهنا اشتد غضبي على هؤلاء السواق، فألقيت عليهم، وبصوت مسموع، محاضرة مجانية حول ضرورة الاهتمام بالضيف وعدم استغلاله، لا سيما إذا كان من دولة عربية شقيقة مجاورة !!
وبعد أن نزلت في فندق بالمدينة، أسرعت للبحث عن ابن خالتي الذي يملك محلاً للألبسة والقمصان في شارع التلل بالمدينة. وكنت أتطلع وأنا أسير في الشارع في لوحات الإعلان الكثيرة، وأشعر بالفخر لدى قراءتي لأسماء كثيرة لأطباء وصيادلة ومحامين ومصورين من الأرمن في المدينة، حتى وقع نظري على اسم المحل الذي يملكه أبن خالتي. وقبل أن أدخل المحل نظرت إلى الداخل، فشاهدت ابن خالتي واقفاً، وقد عرفته من الصور، لأنني لم أكن قد رأيته منذ 41 عاماً، منذ أن كنت طفلاً في الخامسة من عمره !! بيد أنني كنت قد قابلت خالتيَّ الكبرى والصغرى، وكذلك أبناءهما عند زياراتهم لبغداد في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
دخلت المحل وألقيت التحية بالأرمنية على ابن خالتي وهو في الستينيات من عمره، وقلت له: هل عرفتني ؟ فنظر في وجهي باهتمام، وقال لي: ملامحك لا تبدو غريبة لي !! فأجبته: أنا ابن خالتك من بغداد !! فتعانقنا وأخذ أحدنا يقبل الآخر، وسرعان ما أخبر عائلته وخالتيَّ عن مجيئي غير المتوقع هذا إلى حلب.
قضيت في مدينة حلب برفقة أقاربي ثلاثة أيام كانت من أجمل أيام حياتي. وكانت مدينة حلب تبدو لي شبيهة جداً بمدينة الموصل العراقية. وكنت أقرأ في شوارع حلب الشهباء الملصقات التي تحمل عنوان: حلب عاصمة الثقافة الإسلامية.
وخلال زيارتي للمدينة قررت زيارة قبر جدي (من جهة الأم) الذي توفي في العام 1945. ولا يملك جدي (من جهة الأب) وأي من أعضاء عائلته قبوراً، كونهم من ضحايا مجازر الإبادة الأرمنية في الدولة العثمانية لعام 1915، وكانوا من سكنة مدينة (اورفة)التي تقع في جنوب تركيا حالياً.
وفي مطار حلب الدولي، كان من المفترض أن تقلع الطائرة من حلب إلى يريفان في الساعة الثامنة مساء، إلا أن موعد الإقلاع تأخر بسبب الزيارة الرسمية لوزير الخارجية لجمهورية أرمينيا فارتان اوسكانيان لسوريا. وأقلعت الطائرة في الساعة العاشرة وعشرة دقائق ليلاً لتصل مدينة يريفان في الساعة الحادية عشرة والنصف مساء (بتوقيت سوريا)، أي في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت أرمينيا

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B