Friday, March 31, 2006

فشل (الإستراتيجية) الرسمية التركية في إنكار الإبادة الأرمنية


في الأيام القليلة الماضية[1]، بحثت في شبكة الانترنت وأحصيت العشرات من المقالات والموضوعات في المواقع العربية (ناهيك عن الأجنبية) لمناسبة مرور 90 سنة على مجازر الإبادة الأرمنية لعام 1915.
وتنقل جميع هذه المقالات الأخبار عن استذكار الأرمن في جمهورية أرمينيا والعالم لهذه المناسبة في 24 نيسان-أبريل، وقسم كبير منها يدين هذه المجازر والجرائم المرتكبة بحق الإنسانية.
كما ازدادت ضغوط الدول الأوروبية على تركيا الساعية للدخول إلى المجموعة الأوروبية للاعتراف بهذه المجازر والتصالح مع ماضيها لضمان عدم تكرار مثل هذه المجازر في المستقبل.
وقد عمد بعض الكتاب الأتراك إلى انتقاد الموقف الرسمي التركي إزاء القضية الأرمنية، متجاوزين حاجز التحريم الذي ساد في تركيا في السابق لمناقشة هذه القضية. كما اعترف المدافعون عن السياسة الرسمية بعدم جدوى (الإستراتيجية) التركية المتبعة في هذا الشأن، معترفين بفشلها وضرورة البحث عن طرق أخرى، لا سيما بعد انضمام بولندا إلى القائمة التي تضم ست عشرة دولة اعترفت بمجازر الإبادة الأرمنية، فضلا عن الأمم المتحدة وهيئات ومنظمات دولية وإقليمية عديدة.
وذكرت صحيفة (مرمرة) الصادرة في اسطنبول إن رئيس جمعية حقوق الإنسان في تركيا-فرع اسطنبول ايرين كسكين قد دان بلهجة قاسية سياسة السلطات التركية تجاه المسألة الأرمنية، وأعلن بشكل واضح وصريح إنه ارتكبت إبادة حقيقية بحق الأرمن عام 1915[2].
وفي موضوع بحجم صفحة كاملة في موقعها على شبكة الانترنت، اعتذرت صحيفة (ايزكيور كيونديم) للشعب الأرمني في 24 نيسان-أبريل 2005 عن الصمت والمصير الذي آل إليه الأرمن من مواطني الدولة العثمانية عام 1915 نتيجة لمجازر الإبادة الأرمنية[3]، فضلاً عن اعتذار الكثيرين من الأتراك القاطنين في المهجر للأرمن عن هذه المجازر[4].
وتبنى البرلمان البلجيكي تشريعاً يعاقب بموجبه كل من ينكر مجازر الإبادة الأرمنية على الأراضي البلجيكية [5].
كما تتفاعل هذه الأيام في تركيا قضية قيام السلطات السويسرية باتخاذ إجراء قضائي ضد رئيس المعهد التركي للتاريخ يوسف هالاج أوغلو لاستجوابه، بسبب إنكاره لمجازر الإبادة الأرمنية في محاضرة ألقاها في سويسرا، بناء على الدعوة التي وجهتها له الجالية التركية هناك.
وقال مراسل صحيفة (حرييت): إن المدعي العام السويسري انديه كنيم يصر على مسألة الاستجواب، وأوصى بقبول هالاج أوغلو لها لتجنب الاعتقال في حال دخوله الأراضي السويسرية. وقال المدعي العام: إن أعقل تصرف يمكن أن يتخذه هالاج أوغلو هو القبول بالاستجواب والسفر إلى سويسرا للإجابة عن الأسئلة التي ستوجه له بهذا الشأن[6].
وفي محاضرة ألقاها في تركيا في 5 أيار-مايس 2005، كرر هالاج أوغلو أقواله بعدم حدوث الإبادة الأرمنية، وقال: إن وزارة الخارجية التركية أوصته بعدم الذهاب إلى سويسرا في تلك الفترة، وهو يدرس مدى (خطورة) قيامه بزيارة دول أخرى[7]!!
وفي 6 أيار-مايس 2005، كتب صاحب العمود في صحيفة (جمهورييت) التركية علي سيرمين، منتقداً بشدة سويسرا، إلا أنه طرح سؤالاً في نهاية مقالته، هو: "أما نحن، فماذا نفعل؟". وأشار سيرمين إلى وجود صورة مناقضة لذلك في تركيا. وقال: "إنه يجب أن نتقبل في تركيا قول البعض بحدوث الإبادة، في حين يتضمن قانون العقوبات التركي حالياً فقرة حول تعرض من يقول بحدوث الإبادة الأرمنية إلى العقوبة، وأقترح بعض النواب أيضاً إدخال تعديلات على هذه الفقرة لتشمل العقوبة رعايا الدول الأخرى أيضا"ً. ويخلص سيرمين إلى القول: "إذن، نحن أيضاً نفعل الشيء ذاته، وحين نتهم سويسرا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا، يجب أن نطرح السؤال الآتي: أما نحن، فماذا نفعل؟"[8].

[1] كتبت هذه المقالة في أيار-مايس 2005، لمناسبة الذكرى المئوية التسعين للإبادة الأرمنية.
[2] صحيفة مرمرة (باللغة الأرمنية)، اسطنبول، 25/4/2005.
http://www.normarmara.com/arsiv/2005/04/250405lu.html

[3] صحيفة مرمرة، اسطنبول، 26/4/2005.
http://www.normarmara.com/arsiv/2005/04/260405lu.html
[4] راجع أيضاً مقالتي في هذا الموقع تحت عنوان: مثقفون أتراك (يشذون) عن القاعدة. وسأنشر هنا في المستقبل مقالتي تحت عنوان: المجتمع التركي والإيادة الأرمنية.
[5] صحيفة الزمان، تركيا، 23/4/2005.
http://www.zaman.com/?bl=international&alt=&hn=18769
[6] صحيفة مرمرة، اسطنبول، 3/5/2005.
[7] هنا نسأل: لماذا يخشى هالاج اوغلو من الذهاب إلى سويسرا ودول أخرى والإجابة عن أسئلة مستجوبيه بشأن إنكاره للإبادة الأرمنية إذا كان واثقاً من (حججه) بعدم حدوث الإبادة!!
[8] صحيفة مرمرة، اسطنبول، 6/5/2005.
http://www.normarmara.com/arsiv/2005/05/060505lu.html

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B