Wednesday, January 17, 2007

الممتلكات الأرمنية والخشية من استعادتها

تأتي الخشية من إعادة الممتلكات والأراضي الأرمنية التي جرى الاستيلاء عليها بعد تهجير وقتل أصحابها الأرمن في مقدمة الأسباب التي تدفع السلطات التركية المتعاقبة الى إنكار الإبادة الأرمنية لعام 1915 وتسويغها.
وقد كتب المؤرخ وعالم الاجتماع التركي تانير اكجام عن هذه المسألة ما نصه:
"ويأتي الرابط الآخر من بروز طبقة جديدة أثرت حديثاً بفضل الإبادة. وقد شكلت إحدى الركائز الاجتماعية للحركة الوطنية. وكان الوجهاء الذين اغتنوا من أعمال السلب يخشون عودة الأرمن لاستعادة أرزاقهم والثأر منهم. وهذا ما حصل بالفعل مثلاً في منطقة كوكوروفا حيث عاد الأرمن الناجون مع قوات الاحتلال لاستعادة أملاكهم. هذا هو السبب الذي دفع الوجهاء إلى التقرب من حركة التحرير الوطنية وحتى اتخاذ المبادرة لتنظيمها هنا أوهناك .. كذلك ألغيت في 14 أيلول-سبتمبر 1922 القرارات التي اتخذتها في 8 كانون الثاني-يناير 1920 حكومة اسطنبول من أجل إعادة الأملاك الأرمنية إلى أصحابها. لقد أدركت حكومة أنقرة ضرورة المحافظة على مصالح الذين ساهموا في تأسيس الدولة القومية"[1].
واختصر صديق مقرب من مصطفى كمال، هو فالح رفقي عطاي، الوضع بالقول: "عندما قرر البريطانيون وحلفاؤهم في نهاية الحرب محاسبة المسؤولين من حزب الاتحاد والترقي عن مجازر الأرمن، التحق المعنيون بالمقاومة وحملوا السلاح"[2].
وأجاب الكاتب التركي نيسي دوزيل عن التساؤل حول عدم حل أو مناقشة مسألة الإبادة الأرمنية أثناء حكم الجمهورية التركية بالقول:
"دعونا لا ننسى أنه كانت هنالك قضية اقتصادية خطيرة وراء عمليات التهجير الأرمنية. هناك قضية الممتلكات الأرمنية. أنها لم تكن بضعة أكرات[3] من الأرض أو عدد قليل من المواشي. وكان الأرمن، كاليونانيين، قد تبنوا الرأسمالية بشكل جيد جداً وجمعوا ثروة كبيرة. لكن من ادعى الملكية لثروة الأرمن المهجَّرين ؟ إن الأشخاص الذين أثروا أنفسهم بأموال الأرمن لم يملكوا الشجاعة لحل هذه القضية، بسبب تعارض ذلك مع مصالحهم الشخصية"[4].
وتبقى قضية الممتلكات الأرمنية من أهم القضايا التي بدأت تواجه تركيا بعد 90 سنة من الإبادة. ويتهيأ المحامي الأرمني فارتكيس يغيايان وزملاؤه من المحامين لإقامة الدعاوى لأصحاب الممتلكات والبساتين في تركيا، وسيكون مكان إقامة الدعاوى هذه هو المحاكم التركية. ودعا يغيايان إلى جمع الوثائق والمستمسكات التي تؤيد عائدية هذه الأملاك لأصحابها والبحث عن أصولها في الأرشيفات التركية[5]. وقد زار يغيايان إعلاميون أتراك، مستفسرين منه عن الحد الذي ستصل إليه المطالبات الأرمنية هذه، فأوضح لهم أن الأرمن سيواصلون هذه المطالبات، والتي بدأت بالحصول على التعويضات عن بوليصات التأمين التي حررتها شركات أجنبية للأرمن في الدولة العثمانية والذين استشهدوا في الإبادة الأرمنية لعام 1915، سيواصلونها حتى النهاية.
وفي بداية عام 2004، وافقت شركة التأمين الأميركية النيويورك لايف انشورانس (New York Life Insurance) في نيويورك على دفع مبلغ 20 مليون دولار صرف 14 مليوناً منها لورثة حاملي بوليصات التأمين الذين قضوا في الإبادة الأرمنية لعام 1915 ولتسعة من التنظيمات الأرمنية-الأميركية الدينية والخيرية. كما وافقت شركة التأمين الفرنسية آكسا (Axa) على دفع مبلغ 17 مليون دولار صرف 14 مليوناً منها لورثة حاملي بوليصات التأمين الذين قضوا في الإبادة الأرمنية لعام 1915 ولتنظيمات خيرية أرمنية[6].
وهناك نية لإقامة الدعوى ضد البنك الألماني (Deutch Bank) للغرض ذاته. ويذكر أن وثيقة التعويض لشركة آكسا تضمنت الإشارة الى الإبادة الأرمنية، في حين تتم الإشارة إليها في وثيقة التعويض لشركة النيويورك لايف انشورانس بتعبير "الأحداث المأساوية لعام 1915"[7].


[1] http://www.mondiploar.com/july01/articles/akam.htm
[2] فالح رفقي عطاي، من ولادة أتاتورك حتى موته، اسطنبول، 1980.
http://www.mondiploar.com/july01/articles/akam.htm
[3] الأكر: مقياس للمساحة يساوي 4840 ياردة مربعة أو نحو أربعة آلاف متر مربع.
[4] http://ermeni.org/english/Thementalityofabdulhamit.htm

[5] من حديث ليغيايان بث من القناة الفضائية الأولى لأرمينيا لمناسبة الذكرى السنوية الحادية والتسعين للإبادة الأرمنية في 24 نيسان-أبريل 2006.
[6]http://www.armeniapedia.org/index.php?title=French_Insurance_Co._Agrees_to_Pay_%2417_Million_to_Genocide_Heirs
[7] Ibid.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B