Tuesday, October 31, 2006

مقالة وتعليق


- الصحفي التركي البارز بيراند يقوّم نشاط المهجر الأرمني-
بيراند: نحن لا نعرف كيف نمد أيدينا إلى جيوبنا
-الاعتراف بوجود مهجر تركي أكثر ثراء من نظيره الأرمني لكنه خامل-

نشر الصحفي التركي البارز محمد علي بيراند مقالة في صحيفة (بوسطة) في 4 أيار-مايس 2005 يتحدث فيه عن أمور عديدة، منها نشاط الأرمن في المهجر، جاء فيه:
"إذا كنتم يقظين، فهناك عاصفة لدى رأينا العام بشأن المسألة الأرمنية التي يتحدث عنها الجميع. ويعمل الأرمن في المهجر بكل جد ونشاط. ولكن لماذا ؟ إن الأرمن في المهجر يعملون من أجل القضية التي يؤمنون بها سواء قبلنا ذلك أو لم نقبله، وجدناه على حق أو لم نجده، كانت هي حقيقة أو كذبة. من ناحيته، يقوم المهجر الأرمني بعمل مؤثر، وهو ناجح إلى أقصى حد”.
وأضاف بيراند: "ولكن ما مصدر هذا النجاح؟ أنهم يعملون كخلية نحل، لا يتركون باباً إلا وطرقوه، وهم منظمون بشكل جيد، ولا يتشاجرون مع بعضهم البعض. وحتى إن تشاجروا، فأن ذلك لا يقف عائقاً أمام عملهم الآخر. ترى أحدهم يبادر، فيتبرع بمبلغ 20 مليون دولار لإقامة نصب تذكاري، في حين يتبرع آخر بمبلغ 50 مليون دولار لتصوير فيلم سينمائي. ويعرف الأرمن في المهجر كيف يضغطون على برلمانات الدول وينجحون في النهاية في جعلها تتبنى القرارات التي ينتظرونها. وبإشارة من أحدهم تراهم يجمعون في الحال ملايين الدولارات ويقومون بتثبيت أقسام للدراسات الأكاديمية في أكثر الجامعات تأثيراً لإثبات الإبادة".
ويتطرق بيراند إلى نشاط المهجر التركي، فيقول: "أما نحن، فماذا نفعل؟ نحن أيضاً نملك المهجر، إذ يقطن الملايين من الأتراك خارج تركيا، وأن المهجر التركي هو، بلا شك، أكثر ثراء من المهجر الأرمني بكثير، إلا أننا لا نمد أيدينا إلى جيوبنا، ولا ننتظم في عملنا، ولا نبدي نشاطاً مؤثراً. إن العمل الأكثر نجاحاً الذي نؤديه هو الشكوى. إننا نشكو من الحكومة، ومن الأرمن، ومن العالم الغربي".
ويختتم بيراند ملاحظاته للأتراك بالقول: "الآن ابدأوا محاسبة أنفسكم واطرحوا السؤال الآتي: ماذا فعلنا حتى الآن أكثر من مجرد انتظار كل شيء من الدولة. وما عدا البعض، لم نتمكن من إبداء أي عون لها. وإذا كان الأمر كذلك، التزموا الصمت وتحملوا هذا الألم. ولكن إن كانت لكم بحق النية، مدوا أيديكم إلى جيوبكم وابدأوا العمل وتوقفوا عن العادة المستديمة للشكوى من الدولة والأرمن والأجانب".
المصدر: صحيفة مرمرة (باللغة الأرمنية)، اسطنبول، 4 أيار-مايس 2005.
www.noirmarmara.com

التعليق: يبدو أن الكاتب محمد علي بيراند شخّص، بخلاف الكثيرين من رجال الدولة والكتاب والسياسيين الأتراك، سبب نجاح الأرمن في المهجر في مجال الدفاع عن القضية الأرمنية، وهو إيمانهم بعدالة قضيتهم والعمل من أجل استعادة الحقوق التاريخية ورفع الظلم الذي وقع على الشعب الأرمني من جراء السياسات التي انتهجها حكام الدولة العثمانية ووريثتها تركيا. ولا يعترف بهذه الحقيقة الكثيرين من رجال الدولة والسياسة والكتاب الأتراك، ويعزون تنامي المد الدولي للاعتراف بالإبادة الأرمنية ونجاح الأرمن في الدفاع عن قضيتهم إلى "تآمر" الدول الكبرى والأوروبية عليهم، برغم وجود العديد من هذه الدول التي اعترفت بالإبادة الأرمنية وهي تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية جيدة مع تركيا، منها ألمانيا حليفة الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى وأكبر المدافعين عن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وقد اعترف بعض الدول الأوروبية بالإبادة الأرمنية، على الرغم من قلة عدد الأرمن أو قلة نشاطهم فيها مثل بولندا وسلوفاكيا وهولندا، مما يدحض مزاعم أنقرة بأن اعتراف هذه الدول بالإبادة الأرمنية يعود الى الرغبة في كسب أصوات الناخبين الأرمن في هذه الدول، في الوقت الذي لم تعترف فيه دول، مثل جورجيا وسوريا وإيران، بالإبادة الأرمنية، على الرغم من وجود جاليات أرمنية كبيرة العدد فيها، أو في حالة ألمانيا التي يقطنها نحو 30 ألف من الأرمن (غالبيتهم من المهاجرين إليها في السنوات الأخيرة) في مقابل 3 ملايين تركي يشكلون جالية تركية فاعلة. وقد فشلت الدولة التركية بكل إمكانياتها وأجهزتها وجهود سفارتها ومرتزقتها وجاليتها في إيقاف اعتراف ألمانيا بالإبادة الأرمنية عام 2005.
أما دعوة بيراند للأتراك في نهاية مقالته إلى العمل والتوحد وقوله لهم "إن كانت لكم النية"، فنعتقد أن هذه "النية" موجودة وتنحصر فقط في التستر وإنكار جرائم أسلافهم وتضليل التاريخ واستخدام إمكانيات الدولة التركية في هذا المجال، مع اعترافنا بتزايد عدد الأتراك الذين يعترفون بالإبادة الأرمنية في السنوات الأخيرة، لا سيما في أوساط المثقفين.
لقد بذلت تركيا جميع المحاولات للتغطية على الحقيقة التاريخية، وفشلت في ذلك أمام إصرار الشعب الأرمني في الدفاع عن حقوقه العادلة ورغبة الدول، انطلاقا من الاعتبارات القانونية والإنسانية والأخلاقية، في الاعتراف بالحقائق التاريخية وإدانة جرائم الإبادة بوصفها جرائم مرتكبة بحق الإنسانية. ولا يتبقى أمام تركيا سوى "النية" بالاعتراف بالإبادة الأرمنية والاعتذار العلني والتعويض المعنوي والمادي عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بالشعب الأرمني وإرجاع الأراضي الأرمنية إلى أصحابها الشرعيين.
وتستطيع تركيا، عبر التصالح مع الماضي، أن تتحول إلى دولة ديمقراطية تتطلع للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.



0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B