Sunday, September 10, 2006

رؤساء وصحفيون أتراك يغضبون فيعترفون بالإبادة الأرمنية

ينتاب بعض الرؤساء والصحفيين الأتراك أحياناً، ولأسباب مختلفة، موجة من الغضب تدفعهم الى الاعتراف بالإبادة الأرمنية والتهديد بتكرار الإبادة الأرمنية لعام 1915 مع الأرمن أو غيرهم من الشعوب الآن !! مما يدل على اقتناعهم الكامل بارتكاب الإبادة بحق الأرمن وشعوب أخرى وزيف ادعاءاتهم بعدم حدوث هذه الإبادة، وأن الأرمن والعالم بأسره يتآمر ضدهم !!
فقد قالت صحيفة (آزاد اور) الأرمنية التي تصدر في أثينا باليونان في مقالتها الافتتاحية تحت عنوان: "(شكراً) اوزال" المنشورة في يوم 22 نيسان-أبريل 1993، وهو يوم دفن جثمان الرئيس التركي الأسبق توركوت اوزال، قالت فيها إن اوزال، وخلال زيارته لدول آسيا الوسطى السوفييتية السابقة وأذربيجان، وإثر اشتداد عمليات جيش الدفاع الذاتي لجمهورية ارتساخ-غاراباغ الجبلية (ناغورني كاراباخ) لتحرير الأراضي المحتلة من قبل الجيش الأذربيجاني، أطلق تهديده ووعيده للأرمن، معترفاً بالإبادة الأرمنية، حينما قال لمراسل الوكالة الفرنسية للأنباء في يوم 15 نيسان-أبريل (أي قبل أسبوع من دفنه) بالحرف الواحد: "يبدو أن الأرمن لم يستخلصوا العبر من إبادة المليون ونصف المليون أرمني المرتكبة بحقهم خلال الحرب العالمية الأولى". وكان اوزال الى جانب اعترافه بالإبادة التي تنكرها الحكومات التركية المتعاقبة، كأنما يحذر الأرمن من مغبة (تجاوز حدودهم)، ويقول لهم: استخلصوا الدروس من التاريخ ومن إبادة المليون ونصف المليون أرمني في عام 1915، لأن تركيا حاضرة هنا وصبرها محدود ويمكن أن نضع السيف على رقابكم مرة أخرى.
وأعربت الصحيفة الأرمنية عن (شكرها) الجزيل لاوزال وهو يودع هذا العالم، لاعترافه الثمين هذا الذي جاء نتيجة للغضب الذي انتابه عند مشاهدته لنتائج العدوان الأذربيجاني وهزيمته أمام جيش الدفاع الذاتي لجمهورية ارتساخ-غاراباغ الجبلية، ومشاهدته لقبور القتلى في باكو عاصمة أذربيجان.
كما كتب المؤرخ وعالم الاجتماع التركي تانير اكجام في مجلة (دير شبيغل) الألمانية عن اشتداد الروح المعادية للأكراد في تركيا في تسعينيات القرن الماضي. و"في مدن عديدة جرى شن حملات واسعة لتشريد وإبادة الأكراد .. وحاول الكثيرون من الأكراد الاختفاء في المدن الكبرى تخلصاً من المطاردة والإبادة"[1].
وازدادت المقالات المعادية للأكراد في الصحف التركية، "الى درجة أن احدى الصحف طالبت بتحويلهم الى قطع لحم تشوى على النيران وتقدم للحيوانات !!" و"عندما سئل رئيس الجمهورية ديميريل عن ذلك قال إنه يؤيد إبادة الأكراد في تركيا، لأنهم –حسب قوله- يؤيدون حزب العمال الكردي في تركيا، وأضاف بأن الأيدي التي تسيء الى تركيا سوف تقطع !!"[2].
كما "نشرت احدى الصحف تقريراً مخيفاً قالت فيه: "في الوقت الحاضر يوجد في تركيا خمسة آلاف يوناني ولكن اليونانيين خانوا البلد الذي يعيشون فيه. عندما كان عددهم سبعة ملايين فأبدناهم وبقي منهم خمسة آلاف فقط وهذا درس للأكراد !! وقالت صحيفة أخرى: كان عدد الأرمن في تركيا حوالي خمسة ملايين نسمة، ولم يبق منهم سوى (400 ألف) فقط وهذه حقيقة يجب أن يدركها الأكراد في تركيا. فإذا لم يذعنوا لنا فأن نفس المصير ينتظرهم مثل اليونانيين والأرمن، وهو الإبادة والتشريد !![3]
وبهذا، وفي معرض تهديدهم للأكراد لعدم المطالبة بحقوقهم الوطنية والقومية، تنطلق هذه الاعترافات من قبل سياسيين وصحفيين أتراك، وهي بلا شك غير نابعة من الشعور بالتعاطف مع الضحايا الأرمن وأولادهم وأحفادهم والاعتذار عما حدث لهم، بحدوث إبادة للأرمن واليونانيين وغيرهم من الشعوب القاطنة في الدولة العثمانية.
وفي معرض ردود الفعل على قرار البرلمان الفرنسي في 18 كانون الثاني-يناير 2001 بالاعتراف بالإبادة الأرمنية، كتب أحد الصحفيين الأتراك: "ليعرف الرأي العام العالمي بكل وضوح: لقد قمنا في الماضي بمعاقبة جميع الخلاسيين (؟) الأوغاد الذين لم يكتفوا باستثمار أراضينا بل راحوا يعتدون على أرزاق الأتراك وحياتهم وشرفهم. كان آباؤنا على حق وإذا تكررت هذه التهديدات اليوم فسنقوم بما هو ضروري دون أدنى تردد"[4].
وتعد قضية الاعتراف بالإبادة الأرمنية من قبل تركيا في عام 1915 من ضرورات الأمن القومي لجمهوريتي أرمينيا وارتساخ-غاراباغ الجبلية، بسبب أن عدم الاعتراف بها ينذر بتكرار هذه الجريمة متى ما تتوفر (الفرصة الملائمة) لمطلقي هذه التهديدات، لا سيما أن فيهم رؤساء لتركيا مثل اوزال وديميريل !![5]

[1] مهما اختلفت الزعامات السياسية- حرب إبادة ضد الأكراد في تركيا، ترجمة صالح الدبوس، صحيفة القادسية، بغداد، العراق، 7 حزيران-يونيو 1993، العدد 4210، ص 2.
[2] المصدر السابق.
[3] المصدر السابق .
[4] ورد في صحيفة (اكيت)، اسطنبول، 12 شباط-فبراير 2001.
[5] راجع في هذا الصدد أيضا مقالتي في هذا الموقع تعت عنوان: تأثير الإبادة الأرمنية في جمهوريتي أرمينيا وآرتساخ-غاراباغ الجبلية اليوم.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B