Sunday, March 19, 2006

خبر وتعليق

غول: نحن نعمل من أجل كشف الحقيقة في شأن الابادة الأرمنية المزعومة

في 5 آب-أغسطس 2005، نقلت الصحف ووكالات الانباء التركية عن وزير الخارجية التركي قوله في معرض رده على استفسار أحد النواب الأتراك: "إن الحكومة التركية تعمل من أجل كشف الحقيقة في شأن الابادة الأرمنية المزعومة". وأضاف: "أنه تمت تهيئة عدد من الوثائق التي تعكس الحقيقة في هذه المسألة، وقد أُرسلت هذه الوثائق الى الباحثين والمكتبات والبرلمانات والصحفيين في الخارج"[1].
وتابع غول القول: "في تلك الدول، التي يعمل فيها الأرمن بنشاط وفاعلية، نسعى، بمشاركة المؤرخين الأتراك والأجانب، الى تنظيم اجتماعات عمل وتنوير الناس ومواطنينا القاطنين في تلك الدول"[2].

التعليق:
تتواصل الجهود التركية في تزييف التاريخ وإنكار حقائق الإبادة الأرمنية، والتي فشلت في السابق فشلاً ذريعاً وتزايد مد الاعتراف الدولي، لا سيما الأوروبي، بهذه الإبادة، وستفشل هذه المحاولات في المستقبل أيضاً.
وتعي هذه الدول جيداً حقائق الإبادة الأرمنية، إذ تتضمن أرشيفاتها الوطنية المواد والوثائق الوفيرة حول الإبادة الأرمنية[3]. ويبدو أن قسماً كبيراً من جهود أجهزة الدعاية التركية قد توجهت الى الأتراك في الخارج من أجل "تنويرهم"، بعد أن اطلع عدد كبير من هؤلاء في الدول التي يقطنون فيها على حقائق الإبادة الأرمنية وأدركوا حجم التضليل والدعاية التي مارستها أجهزة الدولة التركية، لسنوات طويلة، على مواطنيها من أجل حجب الحقيقة عنهم ومنع التحدث العلني في هذه المسألة، ناهيك عن عدم الاشارة لها في المناهج الدراسية التركية.
وقد تزايد عدد الأتراك، لا سيما المثقفين منهم، في تركيا والمهجر، لا سيما ألمانيا، الذين يعترفون بالإبادة الأرمنية، حتى وصل الأمر الى قيام منظمة تركية لحقوق الانسان، مقرها مدينة فرانكفورت الألمانية، في عام 1999 بارسال إلتماس الى البرلمان التركي (أنقرة) تدعو فيه النواب الأتراك الى الاعتراف بالابادة الأرمنية كخطوة أولى للمصالحة بين الأتراك والأرمن. ووقع هذا الالتماس أكثر من 10 آلاف شخص من مواطني الجمهورية التركية[4].
وقال جاشار عارف ممثل اتحاد التبادل الدولي، الذي حضر الى أرمينيا مع أتراك عديدين للمساهمة في الفعاليات المكرسة للذكرى السنوية التسعين للإبادة الأرمنية (في 2005)، قال:
"نحن نعتذر للأرمن لعدم قدرتنا، نحن وأجدادنا، على منع حدوث الإبادة". وأوضح أن الأتراك القادمين الى أرمينيا يسلمون بأن الإبادة الأرمنية تمت من قبل الأتراك والأكراد، وأنهم لا يصرون على الاعتراف بحقيقة الإبادة من قبل تركيا فحسب، بل الاعتذار والتعويض، وأنه يجب عودة الأرمن في المهجر الى وطنهم التاريخي. وبهذه الطريقة، يمكن تفادي وقوع عمليات أخرى للإبادة في العالم.
وأعلن اوزغور جان ممثل الاتحاد الأوروبي للعمال الأتراك: "إن البلد الذي لا يعترف بماضيه التاريخي لا يمكن أن يبني مستقبله". وأشار الى أن الأتراك الذين وصلوا الى أرمينيا لا يعبرون عن آرائهم الشخصية فحسب، بل أنهم يتكلمون نيابة عن أكثر من خمسة آلاف تركي وكردي هم أعضاء في هيئات دولية، وهؤلاء بدورهم يخوضون نضالاً ديمقراطياً في المحافل الدولية ضد الوضع المتعارض مع الديمقراطية في تركيا.
وعلى الرغم من ذلك، ليس للهيئات الأوروبية التركية تعاون وثيق مع الأحزاب التركية. وقال اوزغور جان: "إنهم في تركيا ينتهجون سياسة شوفينية وهم ليسوا مستعدين بعد للاعتراف بالابادة الأرمنية". ولكن الهيئات السياسية التركية واثقة من أن تركيا ستعترف في النهاية بالإبادة الأرمنية تحت ضغوط القوى الخارجية. وأكد الأتراك الذين وصلوا الى أرمينيا انه، برغم أنهم يعيشون في ألمانيا، فأن أقارب لهم يعيشون في تركيا[5].
ومن جانبه، قال نائب الرئيس للمنظمة التركية "الاتحاد الألماني ضد الإبادة" بولنت غول: "إنه يجب إقامة نصب تذكاري في اسطنبول لذكرى ضحايا الإبادة الأرمنية في تركيا العثمانية[6].
وقد انتقد الكاتب والصحفي التركي ظافر سينوجاك المقيم في برلين السياسة الرسمية التركية حيال الإبادة الأرمنية، ومحاولة تأثير وسائل الإعلام التركية في الأتراك القاطنين في ألمانيا في هذه المسالة، ووصم كل تركي يفكر بطريقة مغايرة للدولة بالخيانة قائلاً:
"منذ عدة أيام تخوض وسائل الإعلام التركية بألمانيا حملة دعائية، وتملي على الأتراك المقيمين في هذا البلد الموقف الوطني التركي الذي يعد الموقف الصحيح الوحيد في مسألة إبادة الأرمن، وتغمر بالثلب أصوات الرأي النقدي.
كل من يفكر بطريقة مغايرة لكتَبة التاريخ الرسمي في تركيا يختم عليه بميسم الخائن. ممارسة انجر عنها انقسام خطير في صفوف الجالية التركية، بل وأكثر من ذلك فقد أدخل ذلك ضررا فادحا على علاقة هؤلاء، التي تتسم بالتحفظ على أية حال، بالمجتمع والسياسة الألمانية"[7].
ثم يقول سنوجاك عن الموقف الرسمي التركي بانكار مجازر الإبادة الأرمنية ما نصه:
"موقف لم يكن سوى تعبير عن ازدراء بالضحية وتلميع لسحنة الجلاد. شعب بأكمله قد عاش لأجيال متتالية على كذبة، و تحولت تلك الكذبة إلى أساس تنبني عليه هويته. لقد تم إقصاء الضحايا من الذاكرة وكذلك مسح آثار مخلفاتهم على أرض الأناضول التي كان مآلها التداعي، وأضحت تبعا لذلك أمرا أكثر فأكثر لاواقعية".
ويضع سنوجاك أسساً للنهوض بالمجتمع التركي نحو الديمقراطية، إذ يقول:
"يتعلق الأمر بضرورة أن ندرك أن مجتمعا لا يعرف تاريخه الخاص، أو لا يعرفه إلا من خلال التزويرات يظل غير قابل للتحول، وبالتالي لا مستقبل له. يتعلق الأمر ببناء مجتمع تمثل المعاينة النقدية للتاريخ الخاص والنقد الذاتي داخله الأساس الذي ينهض عليه مستقبل ديمقراطي.
مجتمع لا تصنع الأساطير البطولية داخله من المجرمين أبطالا، وتتعامل فيه الأجيال القادمة فيه مع كل من يفكر بطريقة مغايرة ومع الأقليات بصفة مختلفة عن تعامل الجيل الحاضر. وفي بداية أي حوار تركي-أرمني لا بد أن يكون هناك استعداد للاعتراف بآلام الضحية.
كما أنه لا بد أن يكون واضحا لدى الطرف التركي بأن ذلك لن يكون حوارا سهلا بإمكان المرء أن يجريه على طريقة مفاوضات حول التعاون الاقتصادي. على المرء أن يستعيد القدرة على الكلام قبل كل شيء، وأكثر من ذلك وأهم أن يصغي إلى الآخر وإلى روايته الخاصة للتاريخ، ذلك أن الاعتراف يأتي الآن متأخرا جدا وقد سُبق بفترة طويلة جدا من الإنكار والازدراء بالضحية.
كل من يفتح ملف هذا الفصل سيصطدم لدى كل المورطين فيه ببنية ذُهانية مرضيّة تعرقل مسار المصالحة. غير أن المصالحة لا يمكن أن تأتى إلا من لدن أولئك الذين ذاقوا تجربة العذاب، ولا يمكن أن تكون مطلبا يصوغه أولئك الذين يتحملون مسؤولية العذاب والمظالم”.
وفي نهاية مقالته، ينتقد سنوجاك السياسة التركية الحالية بانكار الإبادة باعتباره موقفاً "لم يعد مقبولاً على المستوى الدولي اليوم"، ولا بد من "مراجعته حتماً غداً"، إذ يقول:
"إن المخدع الدافئ الذي تعد به القومية قد غدا منذ أمد وهما خادعا. وإن أولئك الأتراك الذين يضعون أنفسهم أداة تستعملها السياسة التركية الحالية لغرض إنكار الإبادة التي تعرض لها الأرمن، ومن أجل التمادي على موقف لم يعد مقبولا على المستوى الدولي اليوم وستقع مراجعته حتما غدا، هؤلاء سيجدون أنفسهم لا في موقع الغبي معنويا فحسب، بل ومجردين أيضا من المخدع الدافئ الذين لا يريدون التفريط فيه".
ونظم مثقفون أتراك يقطنون في ألمانيا حملة للتظاهر أمام السفارة التركية في مدينة برلين في 29 حزيران-يونيو 2005، إحتجاجاً على السياسة الرسمية التركية بإنكار الإبادة الأرمنية. وقد ناضلت هذه المجموعة، بشكل ثابت، من أجل الاعتراف بالإبادة الأرمنية.
وقد شاركت هذه المجموعة أيضاً في مؤتمر صحفي ومناقشة عامة نظمها أرمن في مدينة كولن الألمانية، إحياءً للذكرى السنوية التسعين للإبادة الأرمنية[8].
[1] http://www.turkishpress.com/news.asp?id=63997

[2] صحيفة مرمرة (باللغة الأرمنية)، اسطنبول، 5 آب-أغسطس 2005
http://www.normarmara.com/arsiv/2005/08/050805lu.html

[3] سأنشر في هذا الوقع موضوعاً بعنوان: مؤرخ تركي: المهجر الأرمني أقنع العالم كله بموضوع الإبادة أذكر فيه بعض المصادر والوثائق (باللغتين العربية والانكليزية) عن الابادة الأرمنية.
[4] راجع مقالة الدكتورة الألمانية تيسا هوفمان (باللغة الانكليزية) في الرابط الآتي:
Hairenik.com
وكذلك مقالتي في هذا الموقع بعنوان: مثقفون أتراك يشذون عن القاعدة.
وقد أكد هذا الخبر أحد مواقع الانترنت التركية المعروفة بإنكار حقائق الابادة الأرمنية واصفة هؤلاء بـ"الخونة".
[5] http://home.a1plus.am/eng/?go=issue&id=27551

[6] http://felist.com/archive/media.arminfo/200505/01170336.html

[7] http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-209/_p-1/i.html

[8] http://www.asbarez.com/aol/2005/news.htm

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B