Sunday, October 17, 2021

حرب آرتساخ (ناغورني كاراباخ) التي لم تنته بعد والطغاة الذين لا يتعظون من دروس التاريخ!

حرب آرتساخ (ناغورني كاراباخ) التي لم تنته بعد والطغاة الذين لا يتعظون من دروس التاريخ!

آرا سركيس آشجيان

يريفان، آرمينيا

16 أكتوبر- تشرين الأول 2021

 

يمكننا الحديث طويلا عما جرى أثناء الحرب في آرتساخ في العام الماضي، ولماذا جرى ذلك، لكن لجان التحقيق البرلمانية في أرمينيا ستكشف عن نتائج الحرب وأسبابها بالتفصيل في المستقبل. وهناك توصيفات عديدة لما جرى في وسائل الاعلام العالمية، وأغلبها سياسية لا تعكس الحقيقة، ولها أغراض معروفة.

من الواضح أن العدوان على آرتساخ وأرمينيا في محاولة لرسم خريطة جديدة للمنطقة مستغلة انشغال العالم بجائحة كورونا والانتخابات الأميركية تمهيدا لتغيير النظام الدولي الحالي لم يصل الى غاياته بإبادة الأرمن أو إركاعهم، وجميع المحن والظروف الصعبة لم ولن تثن الأرمن عن نضالهم ولا عن مطالبهم العادلة وتصميمهم الأكيد على تحقيق أمانيهم. فالأرمن أمة وقوة عالمية لا يستهان بها في حال حشد الطاقات، وهم أمة موجودة في المنطقة منذ أكثر من خمسة آلاف سنة وصمدت وانتصرت على المحن والمصائب والإبادة، لكنها لم تركع ولم تختفي من التاريخ، في حين اختفت من الوجود امبراطوريات عتيدة قمعت الأرمن لقرون طويلة.

فقد فشل هذا العدوان الذي كان يتفوق بمرات كثيرة في العدد والعدة على آرتساخ وأرمينيا بفضل المقاومة البطولية لجيشي أرمينيا وآرتساخ لمدة 44 يوما في ظل الصمت الدولي، وكان مخططاً له أن يكون خاطفاً، في وجه التحالف البريطاني التركي الأذربيجاني الإسرائيلي الباكستاني وقوى أخرى بدعم من المرتزقة الإرهابيين من سوريا وليبيا مع كل إمكانيات القوة العسكرية الثانية من حيث الحجم في حلف الناتو ودعمه بالطائرات الحربية والمسيرة والسلاح والعتاد العسكري الحديث والامكانيات التكنولوجية مع الدعم اللوجستي الاسرائيلي والفعل المدمر للطابور الخامس. وقدم الأرمن الآلاف من الشهداء الأبطال والجرحى، يضافون الى قائمة الشهداء في حرب آرتساخ الأولى وما بعدها، لكنهم بقوا وبقيت جمهورية آرتساخ برغم أنف العدو الغادر.

والدليل على عدم انتهاء العدوان الذي شنه العدو والحلف الشيطاني على آرتساخ وأرمينيا وعدم اتضاح نتيجته النهائية بعد هو استمرار المواجهة حتى اللحظة والضغط على أرمينيا وآرتساخ بأساليب مختلفة للحصول على التنازلات منهما.

وتشمل هذه الأساليب الخروقات المستمرة لنظام وقف اطلاق النار، التي أدت إلى سقوط الشهداء وخلفت الجرحى بين صفوف العسكريين والمدنيين على حد سواء إلى جانب تدمير الممتلكات وتهديد حياة السكان بالخطر، واجراء التدريبات العسكرية المشتركة المتكررة للقوات المسلحة لأذربيجان وتركيا وباكستان بعد العدوان واسع النطاق العام الماضي، منها قرب ممر لاتشين الذي يربط أرمينيا وآرتساخ، ٳلی جانب رفض المناقشة للوضع القانوني لجمهورية آرتساخ، واصرار أذربيجان على ٲن نزاع آرتساخ (يعد في الماضي)، بالضد من دعوات الدول التي تتشارك في رئاسة مجموعة مينسك (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا)، التي تتفق ٲرمينيا معها والتي تدعو إلى استئناف عملية السلام في آرتساخ ضمن اطار الرئاسة المشتركة لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

كما تحاول أذربيجان التصدي للحركة المتنامية في العالم للاعتراف باستقلال آرتساخ وإدانة جرائم الحرب التي ارتكبتها أثناء الحرب وما زالت ترتكبها، وتستخدم ورقة الأسرى والمحتجزين الأرمن في أذربيجان وتستمر بسوء المعاملة لهم، منتهكة بذلك أحكام القانون الدولي والبيان الثلاثي الموقع في 9 نوفمبر- تشرين الثاني 2020 التي تلزم باعادة جميع الأسرى والمحتجزين إلى ديارهم، وتشوه الآثار والمعالم التاريخية الأرمنية في المناطق المحتلة، فضلا عن دخول القوات المسلحة الٲذربيجانية الٲراضي السيادية لأرمينيا في 12 مايو- ٲيار الماضي ورفض الانسحاب منها، والضغط علی ٲرمينيا للتوقيع علی معاهدة (سلام) مع ٲذربيجان تتنازل بموجبها ٲرمينيا عن آرتساخ لٲذربيجان، مما سيعني استكمال عمليات الإبادة للأرمن في الجزء من آرتساخ الواقع خارج سيطرتها الآن.

ويٲتي ذلك ٲيضا في اطار التهديدات المتكررة التي يطلقها الرئيس الٲذربيجاني ٳلهام علييف ضد ٲرمينيا بفتح ممر عبر ٲراضي ٲرمينيا يكون خاضعا لسيادة ٲذربيجان ويربطها بجمهورية ناخيتشيفان ذات الحكم الذاتي التي أصبحت تابعة لها في العام 1921 بفضل التآمر البلشفي- الكمالي لصالح أذربيجان التي لم تكن موجودة كدولة على الخريطة قبل العام 1918، زاعما ٲن هذا الممر منصوص عليه في البيان المشترك ليوم 9 نوفمبر 2020، وهو زعم مناف للحقيقة ونص البيان المشترك المنشور الذي لا يحوي بنودا سرية، وقد نفت ٲرمينيا هذا الزعم في مناسبات عديدة. ويأتي هذا الى جانب المطالب الإقليمية للرئيس الأذربيجاني بأراضي جمهورية أرمينيا الحالية والتي رددها مرات عديدة على مدى السنوات الماضية.

وفي رد غير مباشر على الرئيس الٲذربيجاني، أعلنت إيران، ضمن دول أخرى، أن تغيير الحدود الدولية لأرمينيا يعد خطا أحمر بالنسبة لها لا ينبغي تجاوزه.

وبدعم من الحلف الشيطاني، يستمر الرئيس الأذربيجاني علييف في نهجه الهدام الذي يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة ويتحدى دولها ومصالحها الحيوية، مما ينذر بقرب نهايته غير مأسوف عليه على غرار الطغاة من قبله، وهم لا يتعظون من دروس التاريخ!


0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
p--cmYrAD_e345B